يقدّم لكم فريق باب الواد أربع مقالاتٍ انتقاها من منابرَ مختلفةٍ كانت قد نُشرت في شهر شباط الماضي.

 

 

يقدّم لكم فريق باب الواد أربع مقالاتٍ متنوّعة، انتقاها من منابرَ مختلفةٍ كانت قد نُشرت في شهر شباط الماضي، نستهلها بحكاية امرأةٍ أمازيغيةٍ جاهدت الاستعمار الفرنسيّ وقتلتْ 40 جنديّاً فرنسيّاً ثأراً لزوجها. ننتقل بعدها إلى آليات هيمنة اللغة الإنجليزية وكيفية توظيفها كأداةٍ قمعيّةٍ في سبيل سلخ المستعمَر عن ثقافته الأصيلة. ثمّ نعرّج على فنزويلا، وقراءةٌ فيما وراء الأزمة الحاليّة وتداعياتها على القارّة التي لا تزال تعاني من نُدَب الاستعمار. وأخيراً، نلقي نظرةً على التديّن في خدمة الخيانة، وكيف تورّطت الشخصيات الدينيّة المتنفّذة في شرعنة الاحتلال الفرنسيّ.  

“اللبؤة الغاضبة” قتلت 40 جندياً فرنسياً

على سفوح جبال بوكافر، أو “بوغافر”، جنوبيّ المغرب، سطّرت المرأة الأمازيغية المناضلة في تاريخ مقاومة الاستعمار صفحاتٍ مشرّفةً من البطولة في مقاومة المستعمِر الفرنسي، وحماية المقاومين ودعمهم. وفي مقالٍ على موقع “الميادين”، يصحبنا الشاعر ميلود لقاح في رحلةٍ قصيرةٍ للتعرّف على حكاية “عدجو موح”، امراةٌ مغربيةُ أمازيغيةٌ مناضلةٌ لُقّبت بـ”اللبؤة الغاضبة”.

وُلدت “عدجو موح” في عام 1905 تقريباً، وترعرعت في جبل صغرو، جنوب شرقيّ إقليم “تنغير”، الذي يقع في أقصى شرقيّ سلسلة جبال الأطلس الصغير. وبعد زواجها، رافقت بطلة قصتنا زوجها “الحسن نايت بوح” نحو سفوح بوكافر تلبيةً لنداء الكفاح والبطولة في محاربة الفرنسيين.

اتّصفت “عدجو” بالجمال والقوّة، وكانت تهتم بالمقاومين وتقدّم الدعم لهم، وتُطلق الزغاريد لتشجيعهم. يتحدّث عنها “ميمون أم العيد”، في كتاب “أوراق بوكافر السرّية”، ويصفها بأنّها كانت كغيرها من نساء المنطقة تُمسك جريد نبات النخيل وتلطّخه بالحناء، ثم تُلقي به على جلابيب الرجال الذين يتراجعون ويخافون من أزيز الطلقات والقذائف، وكانت تصيح في الرجال من أجل أن يبذلوا ما بوسعهم لمحاربة العدوّ المحتلّ.

بعد قنص جنديٍّ فرنسيٍّ يُدعى “دو بورنازيل”، والذي كان قد رصد المجاهد محمد عبد الكريم الخطابيّ مكافأة لقاء قتله، فَقَدَ الجنرال “جورج كاترو” صوابه، وأمر بتنفيذ قصفٍ عشوائيٍّ انتقاماً لقتل الجنديّ الفرنسيّ الملقّب بـ”الرجل الأحمر”. وفي 28 شباط عام 1933، وقعتْ مذبحةٌ استُشهد فيها العديد من المجاهدين وعددٌ كبيرٌ من النساء والأطفال، كما استُشهد فيها أيضاً زوج “عدجو”، حيث يشاع أنّها رأت أشلاءه تتطاير وتتمزق بفعل قذيفةٍ غادرةٍ قد أُصيب بها.

شبّت نار الانتقام في قلب عدجو؛ فانتزعت بندقيةً من ذراع أحد الشهداء، وتوجّهت للجبال للانخراط في صفوف المقاتلين. فكانت ذات معرفةٍ دقيقةٍ بقمم بوكافر، واختارت قلعةً منيعةً تحصّنت بها، وحين رصدت مجموعةً كبيرةً من الجنود الفرنسيين تتسلّق شعاباً باتجاه حصنٍ جبليٍّ كان معقلاً للمقاومين، قامت “عدجو” بدحرجة صخورٍ كبيرةٍ على رؤوسهم، ما أدّى إلى قتل 40 جندياً فرنسياً دفعةً واحدةً.

كانت “عدجو” تقود النساء المقاومات اللواتي شهد الجيش الفرنسي على مدى شجاعتهن وبسالتهن، حيث كنّ يتقدمن تحت نيران العدو نحو موارد المياه، ويزوّدن المقاومين بالمؤونة والسلاح، ويقمن بتشجيعهم من خلال الشعارات والزغاريد.

رحلت “عدجو” عن سفوح بوكافر إلى مثواها الأخير بعد أن أصبحت أيقونةً للمقاومة المغربية في منطقة صغرو وجميع المناطق، وتردّد اسمها في الأفاق، لتصبحَ رمزاً للمقاومة الشعبية بعد أن تخلّدت ذكراها في قيادة معركة بوكافر.

للقراءة، من هنا

اللغة المهيمنة: نظراتٌ في نفوذ اللغة الإنجليزية

هيمنت اللغة الإنجليزية على معايير التميّز والجدارة في مختلف المجالات الأكاديميّة والمهنيّة، فمَنْ لا يملك مهارة التحدّث باللغة الإنجليزيّة بطلاقةٍ، فلن يتمكن من الوصول إلى مركزٍ وظيفيٍّ مرموقٍ، أو رتبةٍ أكاديميّةٍ عاليةٍ. فكيف استطاعت هذه اللغة أن تُهيمن على العالم؟ وما ارتباطها بالممارسات الاستعمارية التي تمارَس على دول العالم الثالث؟

في مقالٍ نُشر على موقع “حبر”، يحاول الكاتب عبد الله سامي أبو لوز الإجابة على هذه الأسئلة، مشيراً في البداية إلى أنّ اللغة أداة التواصل البشري التي ترتسم من خلالها أفكار البشر وطرق قيادتهم مجتمعاتهم وحلّهم مشاكلها، كما أنّها محددٌ أساسيٌّ لهوية الإنسان وثقافته، فأنت عندما تتقن لغةً جديدةً، ستأخذك إلى عوالم ثقافيةٍ لم يسبق لك التفكير فيها، وستجعلك تصادق أناساً جُدداً، تستبطن من خلال محادثتهم بلغتهم تجلياتِ ثقافتهم.

تشير المقالة إلى ربط “فرانتز فانون” اللغة بالثقافة، في معرض إشارته إلى تحدّث الرجل الأسود بلغة الأبيض؛ إذ اعتبر “فانون” هذه المسألة انسلاخاً للأسود عن ثقافته الأصيلة، وتبنّياً واضحاً لثقافة الأبيض. ففي الوقت الذي استُخدمت فيه اللغة كأداةٍ قمعيّةٍ وكوسيلةٍ انتهجها الاستعمار في سلخ الشعوب المستعمَرة عن هويتها ولغتها الأم، كانت اللغة الإنجليزية أداةً مُكمّلةً للإبادة الجماعية، مورست من خلالها الإبادة الثقافيّة للسكان الأصليّين في أمريكا.

ففي عام 1879، أسّس الجنرال الأمريكي “ريتشارد هنري برات” في بنسيلفانيا مدرسة “كارليل” الهندية، كأوّل مدرسةٍ داخليةٍ خاصّةٍ بأطفال السكان الأصليين، والتي كان يحظر عليهم فيها التكلّم بلغتهم الأم، مُلزَمين بالتحدّث بالإنجليزية وتعلّم الدين المسيحيّ.

ويعتبر الكاتب أنّ عبارة برات الشهيرة “اقتل الهنديّ، وحافظ على الرجل” تتضمّن إشارةً صريحةً لقتل هوية السكّان الأصليّين، ومنعهم من ممارسة طقوسهم الشعبيّة والدينيّة، أو التحدث بلغتهم الأمّ، بهدف تحويلهم إلى عمالةٍ مُنتجةٍ داخل المجتمع الأمريكي الصناعيّ. فتمت ممارسة التقسيم الجندري في العمل، حيث أُعطيَ الذكور وظائفَ مغايرةً للإناث من أجل تكريس المنظومة الأبوية التي لا تتوافق مع المنظومة الاجتماعية لدى السكان الأصليين. وهكذا، استُخدمت اللغة الإنجليزية كأداةٍ أساسيّةٍ في عملية السلب الثقافيّ التي مارسها المستعمِر على السكان الأصليين في الولايات المتحدة.

كما تتناول المقالة ذاتها آليات هيمنة اللغة الإنجليزيّة واستحواذها مكانةً اجتماعيّةً وثقافيّةً مُعترَفاً بها على حساب اللغات الأخرى، في هذه الحقبة المُعاصرة التي نعيشها. فقد أدّت التحوّلات الاقتصادية نحو النيوليبرالية إلى إحداث تغييراتٍ في مسار العمليّة التعليميّة في الجامعات، حيث تحوّلت الجامعات من كونها حاضنةً لإجراء البحوث الهادفة إلى تطوير العملية التعليمية، ومنحها الطلبة فرص التنافس بناءً على الكفاءة، إلى جامعاتٍ تُنادي بالتعليم السريع الذي يتوافق ومتطلّبات السوق العالمي، ما أدّى إلى تحويل قيمة الفرد كفاعلٍ أساسيٍّ في العملية التعليمية والاجتماعيّة، إلى منافسٍ فرديٍّ ساعٍ للاستثمار الشخصيّ.

على وقع ذلك، باتت الجامعات شبيهةً بالشركات التجارية الربحيّة، وأصبحت الجامعات الأمريكية بوابةً لنشر اللغة الإنجليزية كلغةٍ عالميّةٍ أولى، تماثلاً مع نزعة “الأمركة” العالميّة، دون إغفال أنّ استقتال كثيرٍ من الجامعات العربيّة على مجاراة هذه النزعة ساهم في إنتاج نسخةٍ تبسيطيّةٍ واختزاليّةٍ للغة الإنجليزيّة تُوائم متطلّبات السوق، مُجرّدةً بذلك الطلاب من القدرة على الاشتباك مع اللغة وتكوين وعيٍ نقديٍّ إزاءها.

يطرح “روبرت فيلبسون” مفهوم “الإمبريالية اللغويّة الإنجليزيّة”، وينطلق منها للقول إنّ هيمنة اللغة الإنجليزية تتكرّس وتتوطّد من خلال تأسيس اللامساواة على المستوى الثقافيّ والماديّ بين اللغة الإنجليزية واللغات الأخرى، ما ينتج عنه تكريسٌ للطبقيّة في المجتمع، وإبقاء إتقان اللغة الانجليزيّة محصوراً في طبقةٍ معيّنةٍ، ولاحقاً تحصر أفضل الوظائف في مختلف قطاعات الأعمال في هذه الطبقة.

يختم الكاتب مقالته بعقده مقارباتٍ مختلفةً حول هيمنة اللغة الإنجليزية، أبرزها النموذج الصينيّ، إذ بلغ عدد المتحدّثين بهذه اللغة 300 مليون صينيٍّ، على نحوٍ خلعت فيه اللغة الإنجليزية العباءة الأجنبيّة بالنسبة للصين، متحوّلةٍ إلى ما يشبه لغةً وطنيّةً ثانيةً. يعتبر الكاتب هذا المسار نزوعاً إلى توطين اللغة، بخلفياتٍ وأهدافٍ صينيّةٍ، يجعل من الإنجليزية محض لغةٍ صينيّةٍ جديدةٍ تؤدّي وظائفَ محليّةً.

للقراءة، من هنا

ما وراء أزمة فنزويلا: قصة قارّةٍ تغلي

تشتدّ الأزمة سياسياً واقتصادياً في فنزويلا، بينما يواصل الرئيس الأمريكيّ “دونالد ترامب” عجرفته بتهديد فنزويلا بعدوانٍ قريبٍ، ما يهدّد القارة اللاتينية كاملةً؛ إذ لا يمكن فصل فنزويلا عن السياق الاجتماعي والسياسي للقارّة التي لا تزال تعاني من النُّدَب التي خلّفها المستعمر في عُمقها.

في مقالٍ نُشر على موقع “اتجاه”، يستعرض قسّام معدي الواقع الاجتماعي للقارّة اللاتينيّة، وما تعانيه من انعدامٍ للمساواة وارتفاعٍ مهولٍ لمعدّلات الفقر كنتيجةٍ لهيكليَّة البنية الاقتصادية التي ورثتها عن عصور الاستعمار؛ كملكيَّة الأراضي والنظم الضريبية، والتي عزّزتها فيما بعد السياسات النيوليبراليَّة التي تفرضها منظّماتٌ مثل البنك الدولي منذ الثمانينيّات. ورغم ذلك، لم تستسلم بعض دول القارة، فاتّخذت مجموعةً من السياسات الاجتماعية خلال السنوات الخمسة عشر الماضية، فنجحت في خفض مستوى اللامساواة وإخراج الملايين من أسفل خطّ الفقر، وهو ما عُرِف في فنزويلا بـ”الثورة البوليفاريَّة”.

ويرى معدّي أنّ عودة الحكومات اليمينيّة ستؤدّي إلى خفض الضرائب مجدداً، وارتفاعٍ جديدٍ في مستويات عدم المساواة والفقر، إضافةً لتزايد العنف، وهو ما تشهده فنزويلا منذ وفاة تشافيز؛ إذ بدأت المعارضة بعملية زعزعةٍ جديدةٍ وشاملةٍ للاستقرار، سياسياً وإعلامياً واقتصادياً، تداعت بانخفاض أسعار النفط، ما شكّل ضربةً قاسيةً لاقتصاد البلاد.

فبعد عقدين على الثورة البوليفارية وما أنتجته، ستؤدّي زعزعة الجانب الاقتصادي إلى تقويض كلّ تقدّمٍ اجتماعيٍّ أحرزته الثورة، وسيُصبح التضخّم والعقوبات وشُحّ السلع وقوداً للتوتّر الاجتماعي الذي يغلي، وما بات يشهده من ارتفاعٍ لمعدلات الجريمة منذ عام 2018، رغم أنها كانت تشهد انخفاضاً خلال السنوات السابقة. وهو ما يفسّره “فرانتز فانون” بالعنف الهيكليّ للنظام الاستعماريّ الذي يولّد العنف المُضادّ داخل المجتمع المُستعمَر، الذي يتفجّر داخلياً إن لم يغِب حضور المُستعمِر المباشر. فزعماء عصابات الأحياء في السلفادور كانوا مقاتلين سابقين في الحركة الثوريَّة في الثمانينيَّات، إلا أنهم وبعد الثورة وجدوا أنفسهم في عُرض دائرة الإقصاء الاجتماعيّ، فاتخذوا العنف وسيلةً، وهذا ما يمرّ به مقاتلو الثورة الكولومبية أيضاً.

يختم كاتب المقال بالتذكير برؤية “سيمون بوليفار” لأمريكا اللاتينية، ككتلةٍ استراتيجيةٍ واحدةٍ، يؤثّر مصير جزءٍ منها على مصير القارة ككل. فإن تناست بعض الأجزاء التدخلات العسكرية الأمريكية، إلّا أنّها حتماً ستدرك يوماً ما، ورغم انقساماتها الإقليمية اليوم، أنّ التوحد هو الحل للتصدّي لآلة الحرب الأمريكية والأطماع الإمبريالية في القارّة اللاتينيّة.

للقراءة، من هنا

“تديُّنٌ في خدمة الخيانة”.. كيف تورّط الشيوخ في شرعنة احتلال فرنسا للبلاد المسلمة؟

في مقالٍ نُشر على موقع “ساسة بوست”، يستعرض الكاتب عبد الله كمال ظاهرة “شيوخ السلاطين” التي تجاوزت شرعنة السلطة السياسية إلى أن أصبحت أداةً استخدمها المستعمِر خلال القرن التاسع عشر لقطع الالتفاف الشعبي حول المقاومة المسلّحة ضدّ المستعمِر الغازي، تحت غطاء شخصياتٍ دينيّةٍ وفتاواها التي حرّمت مقاومة الاستعمار، ووصلت حدّ تسليم الثوار.

لعب الدين عاملاً محفّزاً ومحرّكاً لمقاومة الحملات الاستعمارية الأوروبية في البلاد الإسلامية، فمارست الزوايا الصوفيّة، والشيوخ التقليديّون، دوراً محوريّاً ورائداً في المقاومة المسلّحة خلال القرنين التاسع عشر والعشرين. وفي هذا الشأن، يقول الكاتب إنّ الشواهد على هذه النماذج لا تنتهي، ذاكراً أبرزها كـ”مقاومة الأمير عبد القادر الجزائري المنتسب إلى الزاوية القادرية، وعُمر المختار الليبي والحركة السنوسيّة، ومحمد ابن عبد الكريم الخطّابي في المغرب، ومشاركة الأزهر في مقاومة الاحتلال الفرنسي لمصر”، وغيرها.

وضمن محاولته تطويع المستعمَرين، وثنيهم عن مقاومة الاستعمار وإخماد الانتفاضات التي حاولت مواجهته، سعى الاستعمار الأوروبي نحو استمالة الشخصيات الدينيّة، وبعض الزوايا الصوفيّة، بهدف اختراق المجتمعات العربية، من خلال شرائه ذمم الشيوخ مقابل توفير الإغراءات الماديّة المتمثّلة بالأموال والإعفاءات الضريبية للشخصيات الدينيّة. وقد برز ذلك في الجزائر من خلال استصدار المستعمِر الفرنسي الفتاوى من المؤسسات الدينية الكبرى لشرعنة وجوده وتحريم مقاومته.

وامتدّت سياسة المستعمِر الفرنسي إلى تونس عبر اختراق الزوايا الصوفية، أبرزها القادرية، والتي ساهمت في حضّ المجتمع المحلّيّ على الخضوع للاستعمار؛ إذ تقرّب شيوخ الزاوية إلى قادة الاستعمار، معلنين طاعتهم وولاءهم لهم، متجاوزين ذلك نحو تورّطهم في تسليم المقاومين والثوّار، وكشف أسمائهم وأماكن تواجدهم، والقيام بوظيفة “شرطي المحتلّ” على المجتمع.

وذات الحال جرت في الجزائر، إذ سعى شيوخ الزاوية التيجانية لنشر الهدوء وفرض الانقياد للاستعمار، رغم أنّ الزوايا الصوفية كانت تحمل لواء المقاومة المسلّحة، وخرّجت مجموعةً من المقاومين البارزين، كالأمير عبد القادر، وأولاد سيدي الشيخ، والزعاطشة، والزواوة، وأحمد بن سالم وغيرهم. إلا أنها شهدت تغييراً دراماتيكيًّا فيما بعد، وانتقلت من مهمة الحشد واستنهاض الهمم دعماً للمقاومة العسكريّة والتصدّي للمستعمِر، إلى مهمة التحكّم بالقبائل وإخضاعها لسلطة الدين والمكانة الاجتماعية للاحتلال الفرنسي.

ويختم المقال بقصّة اختراق الجاسوس “ليون روش” المجتمع الجزائريّ بتقرّبه من الأمير عبد القادر بعد إعلان إسلامه واتّخاذ “الحاج عمر” اسماً له، ليصبحَ كاتباً ومترجماً خاصّاً للأمير. فما أن انتهت مهمته حتى تمكّن من انتزاع فتوى من شريف مكة تحرّم قتال الاحتلال الفرنسي، مقابل تعهّد فرنسا باحترام المؤسسات الدينية والقضائية، بعد زيارةٍ له إلى الحجاز، بمباركة شريف مكّة حينها، كادت أن تودي بحياته بعد أن تعرّف عليه الحجاج الجزائريون.

للقراءة، من هنا