يحاول المسلسل أنسنة المستعرب وأنسنة الفلسطيني الفدائي في ذات الوقت. وبهذا يدعي كاتبو المسلسل أنه مسلسل “أكشن” لا يحمل أي بعدٍ سياسيٍّ أو أيديولوجي. بالنسبة للمشاهد فهو  يرى جندياً في وحدات المستعربين، يعود بعد دوامه إلى بيته بين امرأته وأطفاله، لديه كرم عنب، ويعمل في صناعة النبيذ، يهتم بأبنائه، ولديه مشاكل مع زوجته، وغيرها من يوميات البشر العاديين. يحاول المسلسل، بذلك، تقديم حياة طبيعية لأناس غير طبيعيين.

إطار عام

يعرض مسلسل “فوضى” الصهيوني حياة وحدةٍ للمستعربين، يقوم بتصويرها كيف تعمل، وكيف تخطط وكيف تتنكر وتقتحم القرى والمدن الفلسطينية بمساعدة الاستخبارات العسكرية ووحدة 8200 في الجيش.

يُقدِّمُ المسلسل صورةً عن حديث هؤلاء المستعربين باللغة اللعربية، والموسيقى العربية التي يسمعونها، كيف يتعاملون مع الأهداف، وعن حياتهم اليومية في المنزل وفي العمل العسكريّ، ويحاول عرض تناقضاتِ حياتهم اليومية والعائلية المختلفة خارج إطار الوحدة العسكرية.

ومن جهة أخرى، يعرض المسلسل الطرف الآخر للقصة أي الفلسطينيين؛ الأهداف المُطاردَة من قبل هؤلاء المستعربين، يعرض حياتهم في خضم العمليات العسكرية، وفي النقاشات السياسية والاجتماعية والتفاصيل بين بعضهم البعض، عن التناقضات ما بين السلطة الفلسطينية والعمل الميداني المقاوم.

يعرض المسلسل الفلسطينيين ومقاومتهم ويضعها في قوالب ساخرة مختزلة في معظمها، تُفقِرُها خطابَها الوطنيّ والأخلاقيّ والسياسيّ، وتُحوّلها أكثر إلى مليشيا أو مافيا إجرامية تفتقد للأخلاق والمبادىء. وبهذا يساهم المسلسل في تشويه الوعي العربي والفلسطيني حيال المقاومة والعمل الفدائي الفلسطيني وتاريخه.

يحمل المسلسل اسم “فوضى”، وهو تعبيرٌ عن حالة وأداة نداء في ذات الوقت. هو تعبيرٌ عن فشل الوحدة في الاستمرار بالتنكّر داخل ساحة المعركة وسط الفلسطينيين، عادةً بسبب كشفهم من قبل أهل البلد أو الفدائيين، ما يعني أن الوضع أصبح “فوضى” وخرج عن السيطرة. أما النداء، فعندما ينادي أحد المستعربين “فوضى فوضى”، فهذا إشارة للبقية إلى أنهم قد كُشِفوا، وحينها تبدأ “الفوضى”، أي يَقتلون، ويُعذّبون كي ينسحبوا بأمان من قلب الميدان.

مشاهد “الأكشن” والبطولة

تبدأ الحلقة الأولى في مشهد بطوليّ لوحدات المستعربين إثر اقتحامهم مسجداً في إحدى قرى الضفة الغربية، وذلك بغرض اعتقال أحد المشتبهين من داخل المسجد. يجسد هذا المشهد المليء بـ”الأكشن” ثيمة أساسية في المسلسل، وهي ثيمة عرض البطولة لجهاز الاستخبارات، وعرض القوة لوحدات المستعربين.

فريق المستعربين في أول حلقة في مشهد اقتحام عرس فلسطيني

يعكسُ هذا المشهدُ المسيطر على كثير من مشاهد المسلسل الصورةَ التي تحاول وحدة المستعربين إبرازها بشكل مستمر، وهي صورة عرض البطولات ومشاهد المباغتة والمفاجأة في العمليات. ومن المهم هنا الانتباه إلى أن هذا الجهاز فشل في كثير من العمليات، وفيه ثغرات وسيبقي يفشل بالتأكيد، رغم أن أفراده مزودون بالأسلحة وترافقهم أحدث الأجهزة وقوات وحدات أخرى، لكن فشل الجهاز لن يصوّر في مسلسل على التلفاز الصهيوني.

بعد ذلك المشهد، يبدأ مشهد آخر يصوّر خضوع الفلسطيني المعتقل لأساليب الضغط المختلفة أثناء التحقيق معه في الزنازين، والتي تعتمد بالأساس على مساومة المعتقل على تقديم خدمات له مقابل تقديمه معلومات حساسة عن المقاومين. يظهر المعتقل الفلسطيني في هذا المشهد وفي مشاهد لاحقة في المسلسل بصورة الضعيف، والذي لا يصبر أبداً على الضغوط والذي يعترف ويقدم المعلومات على طبق من ذهب دون أن يضطر المخابرات إلى تعذيبه.

تتظافر في الحلقة الأولى مشاهد التّصوير الجويّ، ترافقها نغمات الترقب، ووصول المعلومات لإعطاء دلالة على حجم المراقبة والسيطرة الدائمة للحقل لدى أجهزة المخابرات التي توظف معلوماتها في جهاز المستعربين. وبذلك تصِلُ للمشاهد في الحلقة الأولى وفي الدقائق الأولى منها صورةٌ مفادها أن الجهاز هو جهاز خارقٌ وقويٌّ ولا يستطيع أحد العبثَ معه.

من جهة أخرى، يظهر الفدائي الفلسطيني “أبو أحمد – الفهد” على أنه المطلوب رقم واحد لفريق وحدة المستعربين، وأنّ عليهم قتله ومطاردته، ومن هنا تنطلق باقي حلقات المسلسل مع تفاصيل وقصص جديدة لمطاردة الفهد. تارةً ينتصر فيها الفلسطيني، وطوراً ينتصر فيها الصهيوني على شاكلة لعبة سينتصر فيها بالنهاية الصهيوني.

المستعرب إنسان له بيت وأطفال

يحاول المسلسل أنسنة المستعرب وأنسنة الفلسطيني الفدائي في ذات الوقت. وبهذا يدعي كاتبو المسلسل أنه مسلسل “أكشن” لا يحمل أي بعدٍ سياسيٍّ أو أيديولوجي. بالنسبة للمشاهد، فهو  يرى جندياً في وحدات المستعربين، يعود بعد دوامه إلى بيته بين امرأته وأطفاله، لديه كرم عنب، ويعمل في صناعة النبيذ، يهتم بأبنائه، ولديه مشاكل مع زوجته، وغيرها من يوميات البشر العاديين. يحاول المسلسل، بذلك، تقديم حياة طبيعية لأناس غير طبيعيين.

تتلخص مساهمة المسلسل الرئيسية حتى وإن كانت عن غير قصد، في تحويل المستعرب إلى إنسان يمارس حياته بشكل عاديّ، له مشاعر  وأحاسيس، ويقع في حب الفتيات، وآخر صاحب نكتة، وآخر له أطفال يذهب للتنزه معهم، وله زوجة يتخاصم معها، فهناك صراع دائم ونقاش حادّ في موضوع مشاركة البطل في وحدات المستعربين، كون زوجته تقلق على مصيره وعلى العائلة الصغيرة.

المستعرب مؤنسناً: دورون مع أطفاله في إحدى لقطات المسلسل

تساهم هذه الصور في التقليل من حدة النظر والتعامل مع الجنود بشكل عام، وتعطي صورة طبيعية أخلاقية وإنسانية للإجرام تحت شعار حماية “إسرائيل”. ويحضر مثل هذا النموذج الدرامي بقوة في المسلسلات الأمريكية، مثل مسلسل “ديكستير”، الذي يعطي للممثل البطل شكلًا إنسانيًا رغم كمية الإجرام والدماء المستباحة.

من جهة أخرى، فإن عملية أنسنة المستعرب أو الجندي لها بعدان، البعد الأول يدور في فلك الترويج أن المستعرب “إنسان” في نهاية الأمر، وذلك لإبطال وسمه بالقاتل والمجرم، وكشكل من أشكال تحصين المجتمع الصهيوني داخليًا وخارجيًا.

أما البعد الثاني، فهو بعد يحمل خطاباً إلى الفلسطيني، مطالبًا إياه بتغليب قلبه على عقله في التعامل مع “الإسرائيلي”. بكلمات أخرى، يقول المسلسل للفلسطيني: “لا تستسهل في قتل اليهود، فهم أيضًا لديهم عائلات وأبناء ومشاكل مثلك تمامًا”. وهذه الصورة، تعطي دلالة للفلسطيني على أن “الإسرائيلي” ليس مجرد شخص يحمل السلاح وينوي قتله، وأنه كائنٌ معقدٌ، والقصد من وراء ذلك خلق صعوبة في المواجهة والإستهداف.

تشكيل المسلسل

يتحدث كاتب السيناريو “ليؤر راز”، أن المسلسل تمت كتابته بالشراكة والمساعدة مع كل من “زونان بين يتسحاك”، وهو  مدير المخابرات العامة في السابق وخريج وحدة “ساييرت ماتكال”، وهي وحدة كاوماندوز تعمل بأوامر جهاز المخابرات والاستخبارات العسكرية، و”أفيف إلعاد” وهو خريج وحدة “دوفدوفان” للمستعربين، والتي نشطت في العام 1986 حتى 2015. بالإضافة إلى الاستعانة بخبراء تحليل مختصين في الشأن الفلسطيني في الجيش والصحافة مثل “عاموس هرئيل”، وهو محلل عسكري معروف في الإعلام الصهيوني يكتب في جريدة “هآرتس”.

تمثل عملية كتابة سيناريو مسلسل “فوضى”، وإخراجه إلى حيز النور، عملية علاجية درامية لكاتبي هذا السيناريو الأساسيين، وهو ما يُسمى “بسيخودراما”. فـ”ليؤر راز” و”آفي ايسخاروف” قد خدما سابقاً في وحدات مستعربين ارتكبت جرائم بحق شعبنا.

وقد خدم “ليؤر راز” تحديداً في وحدات النخبة لجيش الاحتلال، كما أنه خدم في وحدات المستعربين والوحدات الخاصة فترة الانتفاضة الثانية. وقد تعرض خلال مشاركته في قمع الانتفاضة الثانية إلى العديد من المواقف خلال الاقتحامات والعمليات الخاصة التي أثرت به، وكانت لاحقًا الارتكاز الأول لكتابة السيناريو وتصميم المسلسل، وهذا على حد وصفه وحديثه في مقابلات تلفزيونية.

قصة الجندي مدحت يوسف

صورة الجندي القتيل مدحت يوسف
ولقصة الجندي في جيش الاحتلال مدحت يوسف علاقة بهذا المسلسل. ومدحت يوسف، من قرية بيت جن الدرزية، اسم فارق في تاريخ حياة كاتب السيناريو “راز”، وهو شخصية حاضرة في المسلسل.

تعرّف “راز” على يوسف عندما كان يخدم في جهاز حرس الحدود “مشمار هجفول” في منطقة نابلس، تحديدًا في موقع قبر يوسف. في تاريخ 1/10/2000 هاجمه العشرات من الفلسطينيين وضربوه بالحجارة، لكن موته كُتِبَ على يد قناص فلسطيني في تمام الساعة الثالثة عصرًا، إذ تلقى رصاصات في رقبته.

بقي الجندي “يوسف” مصاباً وملقىً على الأرض ينزف حتى أربع ساعات وبعدها مات. في ذلك الوقت كانت أجهزة الأمن الصهيونية، وكذلك أجهزة الأمن الفلسطينية، تتخبط حول بناء خطةٍ لإنقاذ وإخراج الجندي من أرض المعركة، وذلك بقيادة قائد الأركان “شاؤول موفاز”، لكنها فشلت، إذ إن أي وحدة تقتحم المنطقة بهدف إنقاذ يوسف كانت ستتعرض لمخاطرة كبيرة.

 حاول الاحتلال التنسيق مع جبريل الرجوب لإخراجه، لكن لم تحصل أية نتيجة. عند الساعة التاسعة والنصف تم تسليمه للاحتلال وقد فارق الحياة، ودفن بعد يوم في المقبرة العسكرية في قرية بيت جن شمال فلسطين المحتلة. لاحقًا، وعلى إثر موت يوسف الذي تُرك ينزف حتى الموت وأهملته الحكومة والجيش وخاصة وحدته وفريقه، ولم يستطيعوا فعل شيء لإنقاذه، علت أصواتٌ تقول إنه أُهمِل كونه درزيّاً عربيّاً، وأنه لو كان جندياً من عرق “أشكنازي” من مستوطنات “جوش دان”، بالتأكيد سيكون الرد مختلفاً.

لكن المهم هنا هو النقاش الصاخب وردّ الفعل في صفوف الجيش والإعلام وذوي الجنود والمصابين الذي تركه هذا الحادث. كانت قصة الجندي يوسف كفيلة بالدفع نحو تأسيس مؤسسات خاصّة ترعى الجنود المصابين وتهتم لأمرهم، تلوم وتنتقد دور الحكومة والجيش وأجهزة الأمن في الاستهتار بحياة الجنود وعدم حمايتهم وإنقاذهم. على سبيل المثال، أقيمت مؤسسة ” إيخبات” وترجمتها الحرفية “اهتمام” على يد جنود الاحتياط المسرحين، وبعدها أقيمت مؤسسة “بتسوعيم لو مفكيريم” أي “لا نهمل المصابين”.

هذه المؤسسات انطلقت من الإرث الدستوري والأعراف الأخلاقية التي صاغها الجيش الصهيوني في وثيقة “روح الجيش” على يد الجنرال “يورام يئير” عام 1994، والتي اشترك في صياغتها البروفيسور “أسا كوشر”، وهو المسؤول عن منصب “الأخلاقية المهنية” في جامعة تل أبيب.

لاحقًا تم تطوير الورقة على يد باحثين وخبراء في علوم فلسفة الأخلاق في جامعة تل أبيب، وكانت تُطبع هذه الوثيقة وتعطى للجنود عند استلامهم البزة العسكرية والرقم التسلسلي. من بين البنود التي تحملها هذه الوثيقة، “الرعاية” والتي تنص على التالي: “يتصرف الجندي في الميدان وهو يحمل قيم الأخوة والإخلاص لزملائه وللجهاز، عليه أن يقدم العون والمساعدة عند الحاجة، على الرغم من وجود المخاطر والاحتمال بالإصابة والموت”.

يُذكر أيضًا أن بند “الرعاية” حُوّل إلى أنشودة اسمها “شير هاريعوت”؛ أي “أغنية الرعاية”، تخدم بطبيعة الحال المشروع الصهيوني، وترفع قابلية القتال واللحمة والإخاء بين المقاتلين، على أن مصيرهم واحد وفي نفس الخندق.

كتب كلمات هذه الأنشودة “حاييم” جوري”، ولحنها “ساشا أرجوب”، وقد كتبت في خضم أحداث حرب فلسطين عام 1948. وتساهم الأغنية في تعزيز الروح القتالية وتهتم وتكترث للضحايا الجنود الذي سقطوا في الحروب، وقد لاقت ترحيباً واسعاً، وما زالت تُنشد في الطقس العسكري الصهيوني الذي يحتفي بالجنود الذين سقطوا في كل معارك دولة الاحتلال والذي يقام على هامش الاحتفالات بذكرى تأسسيها “يوم هزيكرون”. من جهة أخرى، كتب “يوسي جيسبين” أغنية “حاييال مشمار هجفول” تكريمًا للجندي مدحت يوسف، وقامت المطربة الدرزية “أصالة يوسف” ابنة قرية دالية الكرمل بالدور الغنائي باللغة العبرية.

كلمات الأغنية مترجمة: “حيال مشمار هجفول – جندي حرس الحدود” كنا زوج عصافير، بسطاء وخجولين حلمنا أن يكون لدينا بيت، حديقة وطفل، فجأة كل شيء انتهى، قلبي انكسر عندما قرع الخبر السيء باب بيتنا. حلفنا بالله، أننا سنحب بعضنا حتى النهاية، انتظرت عودتك كل يوم، ذهبت إلى الجيش وذهب الحب معك الآن، الحياة صعبة وحزينة، أنت الذي أحببت، لن تعود، أنت في السماء وأنا لوحدي، الوقت يمر ببطء، في داخل الغضب يبحر، في الليالي أبكيك ولا أنام، وفي الصورة أمامي أرى جندي حرس الحدود، تنظر إليّ في حب يتيم.

بالعودة إلى المسلسل، يذكر “راز” في إحدى مقابلاته الإعلامية أن ذكريات “مدحت يوسف”، وكيف تركه الجهاز يموت هناك بين الفلسطينيين هو الدافع الأول الذي رافقه طويلًا وأثر جليًا في شخصيته كجندي محارب، يقول: “لو تعود بي الأيام، لحملت مسدساً وعدت وأنقذته”.

هذا المشهد حاضر بقوة في مسلسل “فوضى”، إذ يتمرد بطل المسلسل “دورون كابيليو”، ويخرج عن أوامر قيادته ويدخل الضفة الغربية بلا تنسيق مع الوحدات الاستخباراتية ووزير الحرب كي ينقذ الجندي الذي اختطفه “أبو أحمد – الفهد”، مسؤول الجناح العسكري التابع لحماس في المسلسل.

هذا المشهد وعلاقته بقصة الجندي مدحت يوسف، هو إعادة إنتاج وتشكيل جديد لوعي الصهاينة في ما يخص الروح القتالية، ومحاولة لرفع المعنويات وعدم ترك جنود مصابين في أرض المعركة والتمرد على القيادة والحالة الهرمية في الجيش. وهي إشكاليات عسكرية بالأخص نفسية واجهها جيش العدو في حالات الخطف والإصابة في غزّة.

قصة المجندة “إيريس أزولاي”

المحاولة الثانية لتفعيل “البسيخودراما” لكاتب السيناريو والممثل الرئيسي في المسلسل “راز” تدور حول شخصية مجندة صهيونية قُتلت في العام 1990 على يد فدائي فلسطيني. خرج عامر أبو سرحان (18 عاماً) من بيته في قرية العبيدية قرب بيت لحم قاصدًا عمله في حي الطالبية جنوب القدس. خرج أبو سرحان عند السادسة صباحًا وفي جعبته سكين “كوماندوز” بطول 40 سم. وصل إلى شارع الخليل قرب الطالبية، ومن هناك انطلق إلى غرب المدينة إلى حي “البقعة”، وفي شارع “يئير” نفذ عمليته وطعن الجندية “إيريس أزولاي”، وهي في طريقها إلى قاعدتها العسكرية.

الأسير السابق والمبعد إلى غزة عامر أبو سرحان

الساعة الآن السابعة وعشرة دقائق، انطلق أبو سرحان إلى شارع “إفرايم” وصادف مستوطناً آخر “إيلي ألطرتس”، وقام بطعنه حتى الموت. وعلى إثر الضجة وصراخ المستوطنين، هاجمه جندي من وحدات مكافحة الإرهاب “يمام” “تشارلي شلوش” وأطلق باتجاه رجليه رصاصتين، إلا أن “أبو سرحان” أجهز عليه وسقط على الأرض، لاحقًا هاجمه المستوطنون وضربوه وركلوه وهو ملقى على الأرض حتى وصلت الشرطة إلى المكان.

في التحقيق، قال أبو سرحان :”قررت أخيرًا الانتقام على ضوء ما يجري في الأقصى. منذ أسبوع وانا أفكر بما يحدث، واليوم قررت أن أخرج وأسيّح دمهم”. اعتقل أبو سرحان وحكم ثلاثة مؤبدات، لكنه تحرر في صفقة وفاء الأحرار عام 2011.

“إيريس أزولاي” التي قتلت في عملية أبو سرحان عام 1990 هي عشيقة كاتب السيناريو “راز” في الحقيقة، وتعرف عليها وهو في سنوات خدمته الأولى في العسكرية، وشكل قتلها أزمة قاسية له. استحضر “راز” قصة “أزولاي”، عندما عرض في المسلسل قصة فتاة تعلق بها وأحبها أحد جنود وحدة المستعربين التي يدور حولها المسلسل. وقد قتلت هذه الفتاة – في المسلسل- في عملية تفجيرية لملهي ليلي في تل أبيب. وعرض المسلسل تخبط المشاعر لدى الجندي المستعرب عشيقها وتأثره ومحاولته الانتقام لها.

المجندة القتيلة أزولاي

في مقابلات صحفية أجرتها بعض المواقع الإعلامية الصهيونية مع ضباط جيش وخريجي وحدات مستعربين، قالوا: “لا تتم الأمور بهذا المستوى، وبهذه البساطة، في الواقع الامور تبدو أكثر تعقيدًا، المستعربون لا يتجولون في الضفة بهذا الشكل”. عبروا وقالوا إن المسلسل لم يكن قريباً من الواقع، رغم أن التفاصيل والقصص هي قصص يواجهها يوميًا جهاز المخابرات والجيش، لكن لا يتصرف معها بنفس الأسلوب الذي يعرضه المسلسل”.

معلومات عامّة

تم تصوير مسلسل “فوضى” خلال فترة العدوان على قطاع غزة عام 2014، وصدر في حلقته الأولى في شهر شباط 2015. يُصنَّف المسلسل ضمن ثيمة مسلسلات “الأكشن-دراما” وهو من إنتاج شبكة التلفزيون الصهيونية Yes، ويتكون المسلسل من 12 حلقة تمتد كل حلقة ما يقارب النصف ساعة.

كتب سيناريو المسلسل كل من “ليؤر راز” و”أفي يسخاروف”، وهو من وحي تجاربهم الشخصية في ميدان العمل العسكري والصحافي، فقد عمل “يسخاروف” مراسلاً لما يُسمى “لشؤون الضفة الغربية” في عدد من وسائل الإعلام الصهيونية، بينما خدم “راز” في وحدة للمستعربين، وهو بالإضافة إلى كونه كاتب السيناريو، يقوم بأداء دور البطل “دورون”.

قامت شركة Netflix الأمريكية بشراء الجزء الثاني من المسلسل الذي سوف يصدر في العام 2017. وقد فاز المسلسل بعدة جوائز صهيونية منها جائزة “الأكاديمية التلفزيونية” وجائزة “فأر المدينة” عام 2015 على لقب أفضل مسلسل دراما.