يناقش هذا المقال المُترجم عناصرَ نجاح حرب العصابات، مع التركيز على أفغانستان كحالة دراسية. لا يغطي المقال جوانبَ معمّقةً للحروب التي دارت في أفغانستان، بقدر ما يتحدث باختصارٍ عن أدبيات “مكافحة التمرد” التي تم البدء في إعدادها في ستينيات القرن الماضي.

* تقديم وترجمة: محمد يونس

توطئة

يتمحور هذا المقال، المنشور على موقع معهد أبحاث الأمن القومي الصهيوني، حول أهمية دراسة تاريخ المنطقة التي تقع فيها النزاعات، كخطوةٍ أولى في سبيل حل المشاكل المتولدة عن النزاعات على السلطة، التي غالباً ما تتبع أيديولوجيا مواليةً لإحدى القوى السياسية العالمية. كما يناقش المقال عناصرَ نجاح حرب العصابات، مع التركيز على أفغانستان كحالة دراسية. لا يغطي المقال جوانبَ معمّقةً للحروب التي دارت في أفغانستان، بقدر ما يتحدث باختصارٍ عن أدبيات “مكافحة التمرد” التي تم البدء في إعدادها في ستينيات القرن الماضي خلال الفترة التي برزت فيها حركاتٌ ثوريةٌ في مختلف الدول المُستعمَرة، وذلك بهدف الاستفادة من الأخطاء التي ارتكبتها القوات الاستعمارية خلال مواجهتها تلك الثورات ومحاولة القضاء عليها. كما يوضّح الكاتب أهمية دراسة تاريخ المنطقة الفلسطينية، خاصةً منطقة الضفة الغربية، مع تحليل الأدبيات الثورية القريبة من الأيديولوجيا الخاصة بالطرف المتمرد/ الثائر من أجل فهم وتحديد مراكز ثقله وضعفه كذلك، والقضاء عليه، عبر تدمير الجسر الذي يربط قوات العصابات بالسكان المحليين في الدرجة الأولى.

نصّ المقال

تُعَدُّ مشاركةُ الولايات المتحدة الأمريكية في أفغانستان منذ أواخر عام 2001 (عملية “الحرية الدائمة”)  مثالاً ممتازاً للطبيعة الإشكالية العالية في القتال ضدّ قواتٍ غير نظامية في دولةٍ ذات تاريخٍ غنيٍّ بعدم الاستقرار.[1] يُمثّل هذا الانخراط الأمريكي في أفغانستان، من المنظور الأفغاني، مرحلةً أخرى من حالة فقدان الاستقرار المستمرة في البلاد منذ أواخر السبعينيات.[2] بهذا المعنى، فإنّ سقوط تنظيم “طالبان” كان مظهراً آخرَ لتاريخ أفغانستان المتقلب، وليس نقطةً مفصليةً في هذا التاريخ.

يُحلّل هذا المقال العوامل وراء عدم استقرار أفغانستان، مُجادلاً بأن فهمها يُمكِن أن يُفسّر الصعوبة السياسية والعسكرية في تدمير القوات غير النظامية التي تجمعها أيديولوجيا قوية، وتعمل في منطقة جغرافية محددة. لا يدّعي هذا المقال توفير حلول أو توصيات للعمل بها، لكنّه يدّعي أن الإجراء الأساسي الذي يجب على الدولة اتخاذه، عند الشروع في مواجهة قوات غير نظامية في إطار جغرافي معين، هو فهم تاريخ المنطقة.

يتيح هذا الفهم تقييم دور التاريخ المحلي في خلق نظام سياسي واجتماعي واقتصادي، يُشكّل قاعدةً ملائمةً لنشاط حرب العصابات المرتكزة على قاعدة أيديولوجيّة راسخة. يدّعي هذا المقال، أيضاً، أن فهم المنطقة سياسياً واجتماعياً وديموغرافياً سيسمح بتشكيل استراتيجية وطرق عمل متنوعة لهزيمة قوات العصابات.[3]

يركّز هذا المقال على الفترة الزمنية الواقعة بين عامي 1978 و2010، التي انتقل فيها عدم استقرار أفغانستان من كونه ظاهرةً داخليةً، أو غالباً نتيجةَ قضيةٍ إقليميةٍ محدودةٍ، إلى أخرى دوليةٍ انطوت عليها مشاركة مختلف القوى التي قدمت المساعدة للجانبين المتحاربين.

صورة تعبيرية عن مواجهة قوات المارينز الأمريكية لحركة طالبان

خلال هذه السنوات، تلقّت قوات العصابات دعماً خارجياً، وحاربت ضد القوات النظامية؛ ليتمثّل هدفها العام من القتال في إسقاط النظام القائم واستبداله بنظام آخر قائم على الإطار السياسي الخاص بها. ففي المراحل المبكرة من عملية “الحرية الدائمة”، حَمَلت الميليشيات المكوّنة لـ“التحالف الشمالي” مسؤولية معظم القتال هناك، مدعومةً بمساعدةٍ جويةٍ كثيفة وتعاونٍ وثيقٍ مع القوات الخاصة الأمريكية وفرق وكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية (CIA).

 لا يتيح لنا نطاق هذا المقال إجراء دراسة مُعمّقة حول تاريخ أفغانستان والعوامل الكامنة وراء عدم استقرارها. ومع ذلك، فمن الواضح أن التاريخ الأفغاني الحديث يتّسم بمقاومة عنيفة لاحتلالٍ أجنبيٍّ وحكومةٍ مركزيةٍ. كما يتضح أن القاسم المشترك بين جميع الصراعات في أفغانستان، منذ عام 1979، تمثّل في نجاح القوات النظامية- بدرجةٍ أو بأخرى- في السيطرة على شرايين حركة المرور المركزية، مقابل بقاء السيطرة على المناطق الريفية في أيدي القوات المسلحة والميليشيات، التي تلقّت طوال هذه الفترة مساعدةً من قوةِ طرفٍ ثالثٍ. بكلماتٍ أخرى، لم تنجح أيُّ حكومةٍ مركزيةٍ في فرض سلطتها الكاملة على جميع أنحاء البلاد، خلال الثلاثين عاماً الأخيرة.[4]

خرق البيئة الداعمة لقوات العصابات

تشير دراسةٌ حول الحملات التي شُنَّت ضد القوات غير النظامية إلى خمسة عناصر أساسية جوهرية لنجاح حرب العصابات؛ إذ إن غياب بعض هذه العناصر قد يقود إلى فشلها. أمّا هذه العناصر، فهي: حكومة مركزية ضعيفة، وقوات أمن غير فعّالة، ومساعدة خارجية، وملاذات آمنة لقوات العصابات، إضافةً إلى دعم السكان المدنيين، علماً أن هذه العناصر تُستمد من بعضها البعض، وتعمل جنباً إلى جنب على مستوياتٍ مختلفةٍ من الكثافة، وتؤثّر بدورها على بعضها البعض.

 كيف تتجلى فعالية هذه العناصر في أفغانستان؟

 لم يتمكن حُكّام أفغانستان، في أي وقتٍ من الأوقات، من ترسيخ السيطرة الكاملة على فسيفساءٍ مكوّنةٍ من الأقليات العرقية، خصوصاً “قبائل البشتون”، التي تمثل إحدى المواقع الرئيسية للمقاومة لأي حكومة مركزية في البلاد.[5] وعلى الرغم من سيطرة قوى أجنبية على أفغانستان، على مدار تاريخ البلاد، إلّا أنّ القوة الحقيقية كانت تكمن في أيدي القيادات القبلية، فلم تخضع الدولة أبداً للحكم الاستعماري الكامل.[6]

إنّ الولاء الأساسي للأفغان يُعزى إلى قبيلة أصلهم وعلاقاتهم العائلية وروابط الدم، على نحوٍّ لا يختلفون فيه عن المجتمعات القبلية الأخرى في العالم الثالث. لم يسبق لهذه المجتمعات، بما في ذلك في أفغانستان، خوض تجربة النمط الغربي القائم على القومية، وولائه المطلق للحكومة المركزية.

تأسيساً على ما سبق، لم يسبق لأي حكومة مركزية أفغانية كسب ولاء جميع طبقات المجتمع الأفغاني وكسب الشرعية الكاملة. كما لم تتمكن من احتكار استخدام القوّة أو القانون، وتنفيذ النظام على المستوى الوطني. بالمقابل، عزّز كلٌّ من عدم الاستقرار السياسي ونقص الثقة الحكومية الميليشيا القبلية، التي تم اعتبارها الحصن الأمين لشعوبها؛ ما أدى إلى مزيدٍ من التعطيل لشرعية الحكومة المركزية.[7]

 إنّ أيَّ رغبةٍ في الوصول إلى حل سياسي في أفغانستان يُحتِّم عليها فهم الهيكلية القبلية والسياسية للمجتمع الأفغاني، نظراً لعدم إمكانية تحقيق أيّ تسوية بدون اعتبار المجموعات القبلية شركاءً في هذا الحل. فمثلاً، كانت المشكلة الرئيسية للاتحاد السوفييتي في أفغانستان في الثمانينيات هي محاولة فرض الحكم الشيوعي، دون فهم تعقيدات المجتمع الأفغاني والاتجاهات السياسية الخاصة بمختلف الجماعات العرقية في البلاد.[8]

اقرأ/ي المزيد هنا: هل كانت أفغانستان فيتنام الاتحاد السوفييتي؟

إن فهم الهيكلية القبلية والاتجاهات السياسية لكل مجموعة قبلية/عرقية هو المفتاح لتحقيق الاستقرار السياسي في أفغانستان. كما يتيح الإقرارُ بعدم تجانس المجتمع الأفغاني، وتمتُّع كل مجموعة منه بسماتٍ اقتصادية واجتماعية وسياسية خاصة، إنشاءَ خطة عمل متعلقة بكل مجموعة.[9] لعله من الضروري، في هذا السياق، تنفيذ برامج مدنية لقبائل البشتون، مقابل التأكيد على البعد العسكري [10] بخصوص الجماعات الأجنبية المقاتلة التي لا تُشكّل جزءاً من مجتمع البلد الأساسي.

تَفاقَمَ عدم الاستقرار الداخلي في أفغانستان بسبب عاملٍ آخرَ أكثرَ تأثيراً؛ وهو المساعدة الخارجية ومشاركة القوى الأجنبية. يُعدُّ التدخل الخارجي عاملاً مهماً في تشكيل موقع أفغانستان الجيو-استراتيجي في آسيا الوسطى [11]، إذ أتاحت المساعدة الخارجية الضخمة، التي تم تركيزها هناك على مدار الثلاثين عاماً، قيادةَ العمليات من قِبَل مجموعات العصابات.

على سبيل المثال، قُدر حجم معونة الولايات المتحدة الأمريكية لحركة المجاهدين خلال الحرب ضد الاتحاد السوفييتي بحوالي 5 مليار دولار. أتاحت هذه المعونة للتنظيمات القتالَ لفترةٍ زمنيةٍ أطول، كما كانت، أيضاً، إحدى أسباب عدم استقرار أفغانستان المستمر.[12] بعد انسحاب الاتحاد السوفييتي وتجدُّد الحرب الأهلية، حصلت حركة “طالبان” على معونة اقتصادية وعسكرية من باكستان وحركات إسلامية في جميع أنحاء العالم،[13] بينما دعمت إيران القبائل الشيعية في غرب أفغانستان، التي قاتلت تنظيم “طالبان” السني في النصف الثاني من التسعينيات.

تصوير فني لمجاهدين أفغان يسقطون طائرة سوفييتية مزودة بصواريخ ستينغرالأمريكية- متحف وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA.

 كان الهدف من المعونة الأجنبية التي تسربت إلى أفغانستان إضعافَ الحكومة وتسريعَ إنشاء حكومة جديدة منحازة لمصالح الأطراف المتدخّلة. وكان التصوّر كالتالي: عندما تسقط حكومة كابول الأفغانية، سيتم إنشاء حكومة جديدة لا تحظى بالثقة والدعمِ الشعبي، التي ستعمل ضد مصالح بعض القوى الخارجية.

بالمقابل، ستبدأ هذه القوى الخارجية بدعم القوات غير النظامية المعارضة لتلك الحكومة المركزية. في هذا السياق، كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد دعمت حركة المجاهدين؛ وهي خليطٌ مركبٌ من الميليشيات الإسلامية القبلية بدون نظام سياسي أو عسكري موحَّد. وَلّدَ هذا الخليط، في ما بعد، حركة “طالبان” التي اعتمدت سياسات مخالفة لمصالح الولايات المتحدة. ونتيجةً لذلك، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية بدعم مجموعة من تركيب قبلي عرقي مختلف، وهي مجموعة “التحالف الشمالي”.

 تُعدُّ الملاذات الآمنة للعصابات ودعم السكان المحليين شروطاً ضروريةً  لضمان مزيدٍ من التقويض للحكومة المركزية والحدِّ من قدرتها على فرض سلطتها. على مدار التاريخ ، شكل هذان الشرطان أساسَ العملية الناجحة لأي قوة غير نظامية، إذ أشار المنظّران العسكريان أمثال “كارل فون كلاوزفيتز” (Carl Von Clausewitz) و”توماس إدوارد لورنس” (Thomas Edward Lawrence)- لورنس العرب- إلى مزايا استخدام قوات غير نظامية، مؤكِدَيْن على أن هذه القوات بحاجة إلى العمل ضمن بيئة مدنية متعاطفة، حيث انبثقت كتابات كلٍّ منهما من واقعٍ عسكريٍ كانت تحقق الجيوش النظامية فيه القرارات.[14]

 في السياق عينه، رفع  “ماو تسي تونغ” (Mao Zedong) حرب العصابات إلى مستوياتٍ استراتيجيةٍ وسياسيةٍ، إذ شكَّلت كتاباته مقدمةَ العملية اللازمة لتحويل المغاوير من قوة غير نظامية إلى نظام سياسي مع جيش نظامي. في كتابه (عن حرب العصابات -1937) ( On Guerrilla Warfare 1937)، يدّعي الكاتب ضرورة السيطرة على منطقة معينة لتمثّل (قاعدةَ العمليات)، وإقناع السكان المحليين بدعم أهداف الحركة السياسية، على أن توسِّع الحركة السياسية، بشكلٍ تدريجيٍّ، مناطق السيطرة والنفوذ، في الوقت الذي تُوسِّع فيه قاعدتها الشعبية.

إن الملاذ الآمن والقاعدة، في الفكر الماوي، هما نفس المنطقة الجغرافية، إذ يتيح حجم الصين الشاسع إيجاد مخبأ (ملاذٍ آمنٍ) للحركة السياسية، بعيداً عن يد الحكومة وجيشها.[15]  بناءً على ذلك، عمل ممارسو فلسفة ماو، الذين كانوا يعملون في مناطق جغرافية أصغر من التي عمل بها ماو نفسه، مثل “فو نغوين جياب” (Vo Nguyen Giap)، على تكييف تعاليم ماو مع مساحاتهم الصغيرة، ليفصلوا بذلك قواعدهم عن ملاذاتهم الآمنة.

وفقاً لذلك، جسّدت “القواعد” المناطقَ التي كان من الضروري فيها الحصولُ على دعمِ السكان المحليين وإقناعُهم بالأيديولوجيا الثورية في السؤال عن كيفية السيطرة على البلاد.[16] فيما تمثّلت “الملاذات الآمنة” في المناطق ذات الطابع الجغرافي التي يصعب على الحكومة المركزية الوصول إليها، ومهاجمة قوات العصابات، إذ يستطيع المغاوير، هناك، إيجاد المأوى ومكان التدريب، وإعادة التنظيم، والتخطيط لخطواتهم القادمة.

قد تنبع الصعوبات من ظروفٍ طوبوغرافيةٍ صعبةٍ، مثل سلسلة جبال هندوكوش في شمال شرق أفغانستان، لكن عادةً ما يكون الملاذُ الآمنُ بلداً قريباً من القاعدة، حيث لا يستطيع الذين يقاتلون العصابات العملَ بشكلٍ حر أو ربما العمل بشكلٍ كاملٍ. هكذا، وجدت الفيت كونغ (الحركة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام (Vietcong)) ملاذها الآمن في لاوس وكمبوديا ، فيما وجدت عصابات جبهة التحرير الوطني الجزائرية (FLN) ملاذها الآمن في تونس.

اقرأي/ي المزيد هنا: حرب البراغيث: هزيمة أمريكا في فيتنام.

في أفغانستان، تستخدم حركة “طالبان” باكستانَ كملاذٍ آمنٍ لها، بل وتحصل على مساعدة من عناصر داخل الحكومة الباكستانية، فضلاً عن المساعدات التي تحصل عليها من السكان المحليين من اللاجئين الأفغان.[17] تُشكّل المناطقُ الباكستانيةُ المتاخمةُ للحدود الأفغانية قاعدةً لحركة “طالبان”، نظراً لوجود العديد من اللاجئين الأفغان الذين يمكنهم الانضمام إلى الجهود العسكرية، كما أن هذه المناطق هي موطن قبائل البشتون، التي لا تعترف بالحدود الدولية، وتربطهم روابط أسريّة وعائليّة بمقاتلي حركة “طالبان”.

السِّجل التاريخي والنظري

إذاً، ما هي طرق مواجهة الواقع المعقد الذي تواجهه الولايات المتحدة وحلفاؤها في أفغانستان، ويواجه كذلك أي دولة أو جيش نظامي – بما في ذلك “إسرائيل” – في محاربة القوات غير النظامية؟

 إنّ أحد أكثر الجوانب المثيرة للاهتمام في المواجهة الأمريكية مع التحدي الأفغاني هو الرجوع لدراسة النظريات المكتوبة في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي حول أساليب العمل ضد العصابات، أو مكافحة التمرد (COIN)، فضلاً عن إعادة تعلُّم الدروس من الحروب التي خاضتها فرنسا (في الهند الصينية والجزائر)، وبريطانيا العظمى (في مالايا وكينيا)، والولايات المتحدة (في الفلبين وفيتنام).

يُمثّل الدليل الميداني الأمريكي، في التعامل مع مكافحة التمرد، منظمةً تعليميةً يمكن أن تكون فعالة في ما يتعلق بمكافحة التمرد، إذ إنّ إحدى طرق تطوير معرفة مشابهة تتمثّل في دراسة حروب الماضي. [18]

لا يُعتبر هذا النهج غريباً على الجيش الأمريكي، فمع بداية حرب فيتنام، تكلّف الجيش بعددٍ من الدراسات التي تناولت الخبرة البريطانية في مالايا، والتي اُعتبرت محاولةً ناجحةً لقمع الثورة الشيوعية هناك. [19] إن أكثر الأدلة برهاناً على أن الأمريكيين سعوا للتعلم من الخبرة البريطانية هو تعيين السير روبرت طومسون (Sir Robert Thompson)، مستشاراً كبيراً للجيش الأمريكي في فيتنام (1961-1965)، من أجل تنفيذ برامج التهدئة التي أثبتت فعاليتها في مالايا. [20]

كما درس الجيش الأمريكي، أيضاً، الإخفاقات الفرنسية في فيتنام والجزائر من أجل فهم أخطاء الفرنسيين وتجنب تكرارها.[21] وفي الوقت نفسه، تمّت ترجمة الأدبيات الفرنسية التي تستخلص الدروس المستفادة من المواجهات في فيتنام والجزائر إلى اللغة الإنجليزية، [22]  مثل كتاب روجيه ترانكيه (Roger Trinquier)، الضابط الفرنسي المتمرس الذي خدم في الهند الصينية والجزائر، ولا يزال كتابه (La Guerre moderne) يُعتبر أحد أهم الأعمال النظرية في مجال مكافحة التمرد.

 في الولايات المتحدة الأمريكية، تم نشر بحوثٍ كثيرةٍ عن ظاهرة التمرد نفسها- إلى جانب الكتابة عن مكافحة التمرد بين النظرية والتطبيق-  مع التركيز على فلسفة “ماو تسي تونغ” العسكرية، وتحليل حرب العصابات في جنوب شرق آسيا. كما تمّ نشرُ العديد من المقالات التي تناقش الموضوع في دوريات الجيش الأمريكي. [23]

ملصق لـ"ماو تسي تونغ" من "الثورة الثقافية"- المصدر: EPA

يُعدُّ كتاب “ديفيد جالولا” (David Galula) المنشور عام 1964، أحد أولى النقاشات المنهجية لطرق هزيمة العصابات.[24] ومن خلال تحليل عددٍ من النماذج، والاعتماد على الخبرة الشخصية كمستشارٍ في الصين وضابطٍ في الجزائر، يضع “جالولا” استراتيجيةً وتكتيكاتٍ لإدارة “مكافحة التمرد” على نحوٍّ ناجحٍ. تتمثّل نقاطه الرئيسية في الحاجة إلى التدمير الكامل للقوة السياسية للمنظمة الثورية والحاجة للحصول على دعم السكان المدنيين، أو على الأقل إنكارها على العصابات أو الثوار. [25]

ثمّة كتابٌ آخر حول ذات الموضوع كتبه روبرت طومسون، الذي يلخّص فيه تجربته في مالايا وفيتنام، مع ملاحظة الاختلافات بين المواجهتين. كما يتناول طومسون، في كتابه، الإجراءات السياسية التي يجب على الحكومة اتخاذها من أجل القضاء على العصابات الثورية. [26]

يمكن تصنيف كتب كلٍّ من جالولا وطومسون ضمن الفلسفة العسكرية المعتمدة على الخبرة العملية، لتنضم إلى سلسلة الدراسات التي تتناول ظاهرة العصابات وسبل قتالها.[27] يُعتبر الدليل الأمريكي في “مكافحة التمرد”، مستشهداً بجالولا وطومسون، دليلاً على أهمية النظريات التي صيغت في الستينيات، كما يعزز أطروحة هذا المقال في إمكانية استخلاص الدروس للمواجهات المعاصرة بواسطة التحليلات التاريخية. [28]

 ركّز الجيش الأمريكي، بعد حرب فيتنام، على إعادة بناء قوته، مع التحضر لحربٍ مستقبليةٍ مع قوات “حلف وارسو” في أوروبا الوسطى، ليتخلّى بذلك عن الانهماك بنظرية “مكافحة التمرد” التي استنزفته. لم يحدث تغيّرٌ كبيرٌ في هذا المجال، إلا بعد انطواء المراحل العادية التقليدية من حرب أمريكا في أفغانستان والعراق خلال عام 2003. منذ ذلك الوقت، حصل انتعاشٌ في الكتابة عن “مكافحة التمرد” في الدوريات العسكرية، وفي العقيدة العسكرية كذلك.

بناءً على ما تقدّم، نشرت مجلة “Military Review” طبعتين خاصتين (في العامين 2006 و2008)؛ خُصِّصتا  لكلٍ من المقالات التاريخية والمعاصرة المنشورة منذ عام 2004 حول “مسألة مكافحة التمرد”.[29] ثمّة منشورٌ آخر ُهامٌ أصدره قسم التاريخ في الجيش الأمريكي، وهو عبارة عن دراسة تتناول التجربة الأمريكية في “مكافحة التمرد” على نطاقٍ أوسع، وذلك من أواخر الحرب العالمية الثانية حتى نهاية حرب فيتنام.[30] هذا دليلٌ آخرُ على القاعدة الأمريكية؛ التي مفادها بأن دراسة الماضي أمرٌ بالغُ الأهميةِ لفهم الحاضر، وإيجاد أساليب عمل محددة للتعامل معه.

ينضمُّ المصدر الأخير إلى سلسلةٍ من الأعمال التاريخية والنظرية التي أعدتها شركة (RAND) لوزارة الدفاع الأمريكية؛ تتناول جميعها جوانبَ مختلفةً من “مكافحة التمرد”، والدروس التي من الممكن تعلُّمُها من مختلف حملات “مكافحة التمرد”، بما في ذلك فيتنام، وتكييفها مع الواقع المعاصر. [31]

 يعمل جيش الولايات المتحدة، حالياً في أفغانستان، بناءً على إجراءات مشتقّة من نظريات “مكافحة التمرد”، خاصةً في ما يتعلق بتعزيز القوات الحكومية والحصول على دعم السكان المدنيين. يتم تنفيذ هذه النشاطات على مستويين متوازيين؛ الأول هو محاولة تحقيق تحسينات اجتماعية واقتصادية في مستوى معيشة السكان، عن طريق إعادة بناء الأنظمة الصحية والطبية، والاستثمار في البنى التحتية الأساسية، وتوفير المساعدة في مجال الزراعة. أمّا الثاني فيتمثّل في بناء وتعزيز قوات قوات الأمن (بما في ذلك قدراتها الاستخباراتية) لخوض المواجهات مع قوات العصابات، بدون الحاجة إلى مساعدة خارجية.

وإلى حين اكتمال هاتين العمليتين، سيواصل الجيش الأمريكي أنشطته العسكرية الروتينية ضد قوات “طالبان” و”تنظيم القاعدة”، مع شنِّ قوات التحالف، أحياناً، عدّة غارات ضمن عملياتٍ واسعةٍ تستهدف المناطق التي تُعتبر معاقلَ حركة “طالبان”.

الخاتمة

يُظهِر تاريخ أفغانستان منذ الثمانينيات أن العناصر الخمسة المذكورة أعلاه ساعدت – ولا تزال تساعد – مجموعات العصابات على العمل بفاعليةٍ، والإضرار بقدرة الحكومة المركزية على فرض سلطتها وتحقيق الشرعية السياسية في البلد.

لم تستطع حكومة “طالبان”، التي حكمت بين عامي 1995 و2001، السيطرةَ على جميع أنحاء أفغانستان، إذ استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية “التحالف الشمالي” كجهة معارضة للحكومة من أجل الإطاحة بالنظام، لكنها لم تفرض الحكومة الأفغانية الجديدة، بَعْدْ، حكمَها على جميع أنحاء البلاد، ولا سيّما في ضوء الجهود المتجددة لحرب العصابات الخاصة بحركة “طالبان”، التي لا تزال تتمتع بدعمٍ من بعض السكان المحليين، فضلاً عن الملاذ الآمن الموجود في باكستان.

من الواضح أن حركة “طالبان” لن تكون قادرةً على استعادة سيطرتها على الحكومة، طالما لا تزال القوات الأمريكية نشيطةً في أفغانستان. لكن بالمقابل، إنْ غادرت الولايات المتحدة أفغانستان قبل أن تصبح البلادُ مستقرةً سياسياً واقتصادياً ، فعلى الأرجح اشتعال الحرب الأهلية مرةً أخرى، كما كان الحال بعد انسحاب الاتحاد السوفييتي.

 ترتبط تلك العناصر الخمسة بمحاولة دراسة حالاتٍ معاصرةٍ لجيشٍ نظاميٍّ يواجه مقاتلين من قوات العصابات، إذ يصبح  من الصعب محاربة قواتٍ غير نظامية توحّدها أيديولوجيا صلبة وواضحة. وبما أن هذه العناصر مستمدة من بعضها البعض، فإن عدم توفر أحدها، سيعمل على انهيار النظام الذي يتيح للعصابات العملَ في ميدانٍ معين، حتى وإن لم يكن ذلك بشكلٍ فوريٍّ.

 ثمّة نقاشٌ تاريخيٌّ، ذو صلةٍ بهذا اليوم، بين مدرستين فكريتين حول طرق هزيمة المغاوير المنحدرين من الفكر السياسي العسكري لـ”ماو تسي تونغ” أو المتأثّرين به. تؤكّد إحدى هاتين المدرستين على تطبيق القوة العسكرية، في حين تركز الأخرى على تشغيل البرامج المدنية؛ أي البرامج التي ستؤدي إلى تطوير الوضع الاجتماعي الاقتصادي للسكان في مجالات التعليم، والرعاية الصحية، والعمل والزراعة وغيرها. أمّا التحسينات في مجال الأمن فستتمّ عبر مواصلة القتال ضد القوة العسكرية والسياسية للمغاوير.

أُجري هذا النقاش في الولايات المتحدة الأمريكية، قبل الحرب على فيتنام وخلالها. وبشكلٍ مبسّطٍ، يمكن للمرء القول إنّ أكثر الطرق فاعليةً في محاربة حركةِ عصاباتٍ ذات قاعدةٍ أيديولوجيّةٍ ثابتةٍ هي صيغةٌ تُشدّد على العمليات المدنية، إلى جانب استمرار العمليات العسكرية.

 تستدعي أسباب عدم الاستقرار في أفغانستان تركيز معظم الاهتمام على تحقيق الشرعية للحكومة المركزية، عبر تحسين نظام الأمن الداخلي والوضع الاجتماعي الاقتصادي لمختلف القبائل في البلد. بدورها، ستولّد هذه التحسينات، التي ستعتمد على فهم المراكز المحلية للسلطة والتقاليد، اكتساباً تدريجياً للشرعية لصالح الحكومة المركزية.

اُتبع مثل هذا الأسلوب من العمليات في مالايا، وكينيا، والفلبين، إذ عمل التعزيز التدريجي للحكومة المركزية وتوطيد الشرعية الشعبية على هزيمة العصابات في نهاية المطاف. وبينما من المستحيل إسقاط هذا المثال أو أي مثال تاريخي آخر على واقعٍ معاصرٍ، فمن الضروري دراسة المبادئ وفحص أيٍّ منها لا يزال ذا صلةٍ بالواقع الحالي، وأيٍّ منها بحاجةٍ إلى تعديل، وأيٍّ منها لا يرتبط بالواقع على الإطلاق.

 إن دراسة أفغانستان كنموذجٍ لقواتٍ نظاميةٍ تشنُّ حرباً ضد مغاوير يمكن أن تكون مفيدةً بعددٍ من الطرق؛ بعضها ذات صلة بـ “إسرائيل”، خاصةً في منطقة يهودا والسامرة. [32] وبالتالي، فمن الضروري فهم تاريخ وثقافة المنطقة المستهدفة، إذ سيُسّهل ذلك إنشاءَ طرق عمل مناسبة لمجتمع معين، مع إيلاء الاهتمام للمشاكل الخاصة التي يواجهها ذلك المجتمع. كما من الضروري تحديد مركز ثقل العدو والعمل ضده.

على الرغم من أن الحرب ضد العصابات تستلزم قتال قواتٍ غير نظامية، إلّا أّنه من الضروري التذكُّر أن هذه القوات تمتلك، أيضاً، نقاطَ ضعفٍ استراتيجيةً. ومن خلال تحليل كتابات “ماو تسي تونغ” ودراسة تاريخ أفغانستان، فمن الممكن تحديد نقطتين تمثلان مركز ثقل العصابات/الإرهابيين، وهما: السكان المدنيون والقواعد أو الملاذات الآمنة. لذلك، يستوجب تركيزُ جزءٍ كبيرٍ من الجهد على قطع العلاقة بين السكان المدنيين ومقاتلي حرب العصابات.

في الواقع، من الخطأ التركيز على الجانب العسكري وحده، إذ ينبع الإسلام الأصولي، على غرار حرب العصابات الشيوعية، من أيديولوجيا ذات فعالية سياسية واجتماعية واقتصادية، حيث نجحت هذه الأيديولوجيات دائماً في جذب الآلاف من المؤيدين النشيطين والمقاتلين، لكنها حشدت، في الوقت نفسه، الملايين من المعارضين من السكان المدنيين.

يبدو من المستحيل القضاء على الآلاف من المقاتلين، نظراً لتجنيد مقاتلين جدد طوال الوقت من صفوف الملايين. لذلك، من الضروري تدمير الجسر الذي يربط بين المجموعتين (السكان والعصابات). لا يعني ذلك إهمال العمليات العسكرية، الدفاعية والهجومية على حدٍّ سواء، لكن يتوجّب تركيز معظم الجهود على الجبهتين المدنية والسياسية. بالتالي، من الممكن فصل السكان عن العصابات عبر تقديم بدائلَ سياسيةٍ؛ من شأنها أن تولد تحسناً مباشراً في الواقعين الاجتماعي والاقتصادي لذلك المجتمع. ليست هذه المهمة بمهمةٍ سهلةً، لكن الأمثلة المختلفة المُستقاة من التاريخ تثبت أنها ممكنةٌ في نهاية المطاف.

****

المراجع والهوامش:

[1] للاطلاع على مناقشة المكونات التاريخية التي شكلت أفغانستان الحديثة، انظر:
Larry P. Goodson, Afghanistan’s Endless War: State Failure, Regional Politics, and the Rise of the Taliban (Seattle: University of Washington Press, 2001), pp. 23-53.

[2] :C. Christine Fair, “Insurgency, Instability and the Security of Afghanistan,” in Sumit Ganguly, Andrew Scobell, and Joseph Liow, eds., Handbook of Asian Security Studies (London: Routledge, 2010), p. 186.

[3] كما كان الوضع في مالايا، وكينيا، والفلبين في الخمسينيات. انظر:
Tal Tovy, Like Eating Soup with a Knife (Tel Aviv, 2006), pp. 54-65; and Tal Tovy, Guerrilla and the War Against It (Jerusalem, 2010), pp. 130-54.

[4] للاطلاع على نقاشٍ حول أسباب ضعف النظام الأفغاني، انظر:
Antonio Giustozzi, Koran, Kalashnikov and Laptop: The Neo-Taliban Insurgency in Afghanistan 2002-2007 (New York: Columbia University Press, 2008), pp. 15-20.

[5] للاطلاع على مسح استقصائي حول النسيج العرقي في أفغانستان، انظر:
Ralph H. Magnus and Eden Naby, Afghanistan: Mullah, Marx and Mujahid (Oxford: Westview, 2002), pp. 11-15; Martin Ewans, Conflict in Afghanistan: Studies in Asymmetric Warfare (London: Routledge), 2005, pp. 11-14; Deepali Gaur Singh, Afghanistan: Challenges and Opportunities, vol. 3 (New Delhi: Pentagon Press, 2007), pp. 34-40.
وعن التنوع الإثني بوصفه عاملاً مزعزعاً للاستقرار في أفغانستان، انظر:
Amalendu Misra, Afghanistan: The Labyrinth of Violence (Cambridge: Polity Press, 2004), pp. 41-60; Burchard Brentjes and Helga Brentjes, Taliban: A Shadow over Afghanistan (Varanasi, India: Rishi Publications, 2000), pp. 40-48.

[6] Ewans, Conflict in Afghanistan, p. 173.

[7] Antonio Giustozzi, War, Politics and Society in Afghanistan (London: C. Hurst & Co., 2000), pp. 207-12.
وللمزيد حول الميليشيات المسلحة العاملة في أفغانستان، انظر:
Seth G. Jones, Counterinsurgency in Afghanistan (Santa Monica: RAND, 2008), pp. 37-48.

[8] Thomas X. Hammes, The Sling and the Stone: On War in the 21st Century (St. Paul, MN: Zenith Press, 2004), pp. 155-69.

[9] للاطلاع حول الاتجاهات السياسية المستمدة من التغيرات في الظروف الاقتصادية، انظر:
Manmath N. Singh, “Ethnicity and Politics in Afghanistan,” in K. Warikoo, ed., Afghanistan: Challenges and Opportunities, vol. 1 (New Delhi: Pentagon Press, 2007), pp. 33-42.
في هذا السياق، وكجزءٍ من مناقشة دراسة التاريخ من أجل فهم الواقع، انظر أيضاً:
The 1927 anthropological study by Sirdar Ikbal Ali Shah
وهو دبلوماسي بريطاني من أصل هندي، يصف المشاكل السياسية التي يواجهها البريطانيون في أفغانستان التي تنبع، في جملةٍ من الأمور، من تعقد المجتمع الأفغاني وعدم تجانسه الكبير. انظر:
Sirdar Ikbal Ali Shah, Afghanistan of the Afghans (New Delhi: Bhvana Books, 2000), pp. 9-18.

[10] ينبغي أيضاً تحليل الواقع السياسي في العراق على أساس هذا النموذج: التركيبة الاجتماعية، بالرغم من أنها أقل تعقيداً من الحالة الأفغانية، والميليشيات المسلحة هناك تحول دون الاستقرار السياسي والاجتماعي. انظر:
Bruce R. Pirnie and Edward O’Connell, Counterinsurgency in Iraq 2003-2006 (Santa Monica: RAND, 2008), pp. 22-32.

[11] Brentjes and Brentjes, Taliban, pp. 49-67; Goodson, Afghanistan’s Endless War, pp. 133-66; Misra, Afghanistan, pp. 13-20.

[12] Thomas Powers, Intelligence Wars: American Secret History from Hitler to alQaeda (New York: New York Review of Books, 2002), pp. 285-88.

[13] كانت مشاركة باكستان – ولا تزال – نتيجةً لرفضها الاعترافَ بأفغانستان، بوصفها دولةً ذات سيادة داخل الحدود التي حددها البريطانيون في أواخر القرن التاسع عشر. وبطريقةٍ مماثلة، تطمح باكستان لأن تصبح عاملاً سياسياً رئيسياً في آسيا الوسطى.للمزيد حول هذا الموضوع، انظر:
Amin Saikal, Modern Afghanistan: A History of Struggle and Survival (London: I. B. Tauris, 2004), pp. 219-25; Angelo Rasanayagan, Afghanistan: A Modern History (London: I. B. Tauris, 2005), pp. 177-90.

[14] يتعامل (Clausewitz) مع ظاهرة حرب العصابات في الكتاب 6 (“Defense”) ، الفصل 26. انظر أيضاً:
Werner Hahlweg, “Clausewitz and Guerrilla Warfare,” in Michael I. Handel, ed., Clausewitz and Modern Strategy (London: Frank Cass, 1986), pp. 130-32.

[15] للاطلاع على نقاش حول فلسفة حرب العصابات الثورية لماو تسي تونغ، انظر:
Tovy, Guerrilla and the War against It, pp. 42-57.
ولمزيدٍ عن تأثير ماو على حركة المجاهدين، انظر:
Barnett R. Rubin, The Fragmentation of Afghanistan (New Haven: Yale University Press, 2002), pp. 78-79.

[16] للاطلاع على معنى مفهوم “الملاذ الآمن” في السياق الأفغاني، انظر:
Abdulkader H. Simmo, Organization at War in Afghanistan and Beyond (Ithaca: Cornell University Press, 2008), pp. 13-16.

[17] Giustozzi, Koran, Kalashnikov and Laptop, pp. 99-102.

[18] Department of the Army, FM 3-24: Counterinsurgency, 2006, pp. 1-26.
انظر أيضاً:
The theoretical overview in John A. Nagl, Learning to Eat Soup with a Knife: Counterinsurgency Lessons from Malaya and Vietnam (Chicago: University of Chicago Press, 2002), pp. 3-11.

[19] Riley Sunderland, Antiguerrilla Intelligence in Malaya, 1948-1960 (Santa Monica: RAND, 1964); Riley Sunderland, Winning the Hearts and Minds of the People: Malaya, 1948-1960 (Santa Monica: RAND, 1964); P. B. G. Waller, The Evolution of Successful Counterinsurgency Operations in Malaya (Menlo Park, CA: RAND, 1968).

[20] Spencer C. Tucker, Vietnam (Lexington: University Press of Kentucky, 1999), p. 96; Douglas S. Blaufarb, The Counterinsurgency Era: U.S. Doctrine and Performance (New York: Free Press, 1977), pp. 47- 51; Rowland S. N. Mans, “Victory in Malaya,” in: T.  N. Greene, ed., The Guerrilla and How to Fight Him (New York: Praeger, 1962), pp. 115-43.

[21] Paul A. Jureidini, Case Studies in Insurgency and Revolutionary Warfare: Algeria 1954-1962 (Washington, D.C.: American University, 1963); Constantin Melnik, The French Campaign against the FLN (Santa Monica: RAND, 1967).

[22] J. Croizat, A Translation from the French: Lessons of the War in Indochina (Santa Monica: RAND, 1967); Roger Trinquier, Modern Warfare: A French View of Counterinsurgency (New York: Praeger Security International, 1964; the book was published in France in 1961).

[23] خلال الستينيات من القرن الماضي، تُرجمت مجموعة مختارة من الأدبيات الشيوعية التي عرضت استراتيجية ماو الثورية وأثرها، خاصةً على المواجهة في فيتنام. فعلى سبيل المثال، في عام 1968، تم وضع مجموعة مختارات أدبية التي جمعت مجموعة من الكتابات الشيوعية حول حروب العصابات الثورية. انظر:
William J. Pomeroy, ed., Guerrilla Warfare and Marxism (New York: International Publishers, 1968).
كانت الكتابات العسكرية للمفكرين الشيوعيين مطلوبة للقراءة لطلاب الأكاديمية العسكرية الأمريكية. انظر:
Andrew J. Birtle, U.S. Army Counterinsurgency and Contingency Operations Doctrine 1942-1976 (Washington, D.C.: Defense Dept., Army, Center of Military History 2006), p. 261.

[24]  David Galula, Counter-Insurgency: Theory and Practice (New York: Praeger Security International, 1964).
[25] Ibid., pp. 107-35.
[26]  Robert Thompson, Defeating Communist Insurgency: Experiences from Malaya and Vietnam (London: Palgrave Macmillan, 1966), pp. 51-58.

[27] انظر، مثلاً:
Peter Paret and John Shy, Guerrillas in the 1960s (New York: Praeger, 1965); John S. Pustay, Counterinsurgency Warfare (London: Free Press, 1965); Abdul Haris Nasution, Fundamentals of Guerrilla Warfare (London: Pall Mall Press, 1965); John J. McCuen, The Art of CounterRevolutionary War: The Strategy of Counter-Insurgency (London: Stackpole Books, 1966).

[28] Robert R. Tomes, “Relearning Counterinsurgency Warfare,” Parameters 34, no. 1 (2004): 26.

[29] من بين عشرات المقالات التي نشرت منذ عام 2004 ، برز مقال واحد على وجه الخصوص يوضح أهمية النظريات التي وضعت في الستينيات للواقع العسكري في أفغانستان، وهو:
Dale Kuehl, “Testing Galula in Ameriyah: The People are the Key,” Military Review 99, no. 2 (2009): 72-80.
[30] Birtle, U.S. Army Counterinsurgency and Contingency Operations Doctrine.
[31] Angel Rabasa et al, Money in the Bank: Lessons Learned from Past Counterinsurgency (COIN) Operations (Santa Monica: RAND, 2007); Daniel Byman, Understanding Proto-Insurgencies (Santa Monica: RAND, 2007); Austin Long, Doctrine of Eternal Recurrence: The U.S. Military and Counterinsurgency Doctrine, 1960-1970 and 2003-2006 (Santa Monica: RAND), 2008. These studies are part of the RAND Counterinsurgency Study series.

[32] هذا النموذج لا علاقة له بحزب الله في لبنان وحماس في غزة، على اعتبار أن لا وجود عسكري  دائم لـ”إسرائيل” في تلك المناطق.